فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والرّجز: أسوَأْ العذاب وتقدم في قوله تعالى: {فأنزلنا على الذين ظلموا رجزًا من السماء بما كانوا يفسقون} في سورة البقرة (59).
ومِن بيانية فإن العذاب نفسه رجز.
وقرأ الجمهور: {معاجزين} بصيغة المفاعلة تمثيلًا لحال ظنهم النجاة والانفلات من تعذيب الله إياهم بإنكارهم البعث والرسالة بحال من يسابق غيره ويعاجزه، أي يحاول عجزه عن لحاقه.
وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وحده {معجِّزين} بصيغة اسم الفاعل من عجّز بتشديد الجيم، ومعناه: مثبطين الناس عن اتباع آيات الله، أو معجزين من آمن بآيات الله بالطعن والجدال.
وقرأ الجمهور: {أليمٍ} بالجر صفة ل {رجز}.
وقرأه ابن كثير وحفص ويعقوب بالرفع صفة ل {عذاب} وهما سواء في المعنى.
{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)}.
عطف على {ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات} [سبأ: 4] وهو مقابل جزاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فالمراد بالذين سَعوا في الآيات الذين كفروا، عدل عن جعل صلة اسم الموصول {كفروا} [سبأ: 3] لتصلح الجملة أن تكون تمهيدًا لإِبطال قول المشركين في الرسول صلى الله عليه وسلم {أفترى على الله كذبًا أم به جنة} [سبأ: 8]، لأن قولهم ذلك كناية عن بطلان ما جاءهم به من القرآن في زعمهم فكان جديرًا بأن يمهد لإِبطاله بشهادة أهل العلم بأن ما جاء به الرسول هو الحق دون غيره من باطل أهل الشرك الجاهلين، فعطف هذه الجملة من عطف الأغراض، وهذه طريقة في إبطال شُبَه أهل الضلالة والملاحدة بأن يقدم قبل ذكر الشبهة ما يقابلها من إبطالها، وربما سلك أهل الجدل طريقة أخرى هي تقديم الشبهة ثم الكرور عليها بالإِبطال وهي طريقة عضد الدين في كتاب المواقف، وقد كان بعض أشياخنا يحكي انتقاد كثير من أهل العلم طريقته فلذلك خالفها التفتازاني في كتاب المقاصد.
والحق أن الطريقتين جادّتان وقد سُلكتا في القرآن.
ويجوز أن تكون جملة {ويرى الذين أوتوا العلم} عطفًا على جملة {والذين سعوا في آياتنا معاجزين} [سبأ: 5] فبعد أن أوردت جملة {والذين سعوا} لمقابلة جملة {ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات} [سبأ: 4] الخ اعتبرت مقصودًا من جهة أخرى فكانت بحاجة إلى رد مضمونها بجملة {ويرى الذين أوتوا العلم} للإِشارة إلى أن الذين سعوا في الآيات أهل جهالة فيكون ذكرها بعدها تعقيبًا للشبهة بما يبطلها وهي الطريقة الأخرى.
والرؤية علمية.
واختير فعل الرؤية هنا دون ويعلم للتنبيه على أنه علم يقيني بمنزلة العِلم بالمرئيات التي علمها ضروري، ومفعولا يرى {الذي أنزل} و {الحق}.
وضمير {هو} فصل يفيد حصر الحق في القرآن حصرًا إضافيًا، أي لا ما يقوله المشركون مما يعارضون به القرآن، ويجوز أيضًا أن يفيد قصرًا حقيقيًا ادعائيًا، أي قصر الحقِّيَّة المحض عليه لأن غيره من الكتب خلط حقها بباطل.
و {الذين أوتوا العلم} فسره بعض المفسرين بأنهم علماء أهل الكتاب من اليهود والنصارى فيكون هذا إخبارًا عما في قلوبهم كما في قوله تعالى في شأن الرهبان {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق} [المائدة: 83]، فهذا تحدَ للمشركين وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وليس احتجاجًا بأهل الكتاب لأنهم لم يعلنوا به ولا آمن أكثرهم، أو هو احتجاج بسكوتهم على إبطاله في أوائل الإسلام قبل أن يدعوهم النبي صلى الله عليه وسلم ويحتج عليهم ببشائر رسلهم وأنبيائهم به فعاند أكثرهم حينئذٍ تبعًا لعامتهم.
وبهذا تتبين أن إرادة علماء أهل الكتاب من هذه الآية لا يقتضي أن تكون نازلة بالمدينة حتى يتوهم الذين توهموا أن هذه الآية مستثناة من مكيات السورة كما تقدم.
والأظهر أن المراد من {الذين أوتوا العلم} مَن آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم من أهل مكة لأنهم أوتوا القرآن.
وفيه علم عظيم هم عالموه على تفاضلهم في فهمه والاستنباط منه، فقد كان الواحد من أهل مكة يكون فظًّا غليظًا حتى إذا أسلم رقّ قلبه وامتلأ صدره بالحكمة وانشرح لشرائع الإِسلام واهتدى إلى الحق وإلى الطريق المستقيم.
وأول مثال لهؤلاء وأشهره وأفضله هو عمر بن الخطاب للبون البعيد بين حالتيه في الجاهلية والإِسلام.
وهذا ما أعرب عنه قول أبي خراش الهذلي خالطًا فيه الجد بالهزل:
وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل ** سوى العدل شيئًا فاستراح العواذل

فإنهم كانوا إذا لقوا النبي صلى الله عليه وسلم أشرقت عليهم أنوار النبوءة فملأتهم حكمة وتقْوَى.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه: «لو كنتم في بيوتكم كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة بأجنحتها».
وبفضل ذلك ساسوا الأمة وافتتحوا الممالك وأقاموا العدل بين الناس مسلمهم وذمِّيهم ومُعَاهَدِهم وملأوا أعين ملوك الأرض مهابة.
وعلى هذا المحمل حمل {الذين أوتوا العلم} في سورة الحج (54) ويؤيده قوله تعالى: {وقال الذين أوتوا العلم والإيمان} في سورة الروم (56).
وجملة {ويهدي إلى صراط العزيز الحميد} في موضع المعطوف على المفعول الثاني ل {يَرَى}.
والمعنى: يرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هاديًا إلى العزيز الحميد، وهو من عطف الفعل على الاسم الذي فيه مادة الاشتقاق وهو {الحق} فإن المصدر في قوة الفعل لأنه إما مشتق أو هو أصل الاشتقاق.
والعدول عن الوصف إلى صيغة المضارع لإِشعارها بتجدد الهداية وتكررها.
وإيثار وصفي {العزيز الحميد} هنا دون بقية الأسماء الحسنى إيماء إلى أن المؤمنين حين يؤمنون بأن القرآن هو الحق والهداية استشعروا من الإِيمان أنه صراط يبلغ به إلى العزة قال تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} [المنافقون: 8]، ويبلغ إلى الحمد، أي الخصال الموجبة للحمد، وهي الكمالات من الفضائل والفواضل. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ}.
كرّر في القرآن تكذيبهم بالساعة، واستبعادهم لذلك، والردَّ عليهم. وأخبر عن سابق عِلمه بهم، وأنه لا يخرج شيء من معلوماته عن علمه، فأثبت علمه بكل شيءٍ وشموله لكل شيء.. لأَنه لو لم يكن له علم لكان نقصًا، ولأنه لو خرَجَ مَعلومٌ واحدٌ عن علمهِ لكان بقدرته نقصٌ، والنقصُ- بأي وصفٍ كان- لا يجوز في صفته بحالٍ.
{لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)}.
المحسنون منهم يجازيهم بالخيرات المتصلة، والكافرون منهم يكافئهم على كفرهم بالعقوبات غيرَ منفصلة.
ويرى الذين أوتوا العلم كتابك الذي أَتَيْتَ به حَقًا وصِدْقًا. والذين كفروا قال بعضهم لبعض: إِنَّهم يرون أن هذا الذي تقول به من النشر والحساب والبعث كذبٌ، أو أَنّ بِك جِنَّةً، ثم أقام عليهم حُجة التجويز بما أجرى به سُنَّتَه في الخلق والإبداع.. فما زادهم ذلك إِلا جحودًا، وما قابلوه إلا عنودًا. اهـ.

.تفسير الآيات (7- 9):

قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما عجب سبحانه من الذين كفروا في قولهم {لا تأتينا الساعة} المتضمن لتكذيبهم، وختم بتصديق الذين أوتوا العلم مشيرًا إلى أن سبب تكذيب الكفرة الجهل الذي سببه الكبر، عجب منهم تعجيبًا آخر أشد من الأول لتصريحهم بالتكذيب على وجه عجيب فقال: {وقال الذين كفروا} أي الذين تحققوا أمره صلى الله عليه وسلم وأجمعوا خلافه وعتوا على العناد، لمن يرد عليهم ممن لا يعرف حقيقة حاله معجبين ومنفرين: {هل ندلكم} أي أيها المعتقدون أن لا حشر.
ولما أخرجوا الكلام مخرج الغرائب المضحكة لم يذكروا اسمه مع أنه أشهر الأسماء، بل قالوا: {على رجل} أي ليس هو صبيًا ولا امرأة حتى تعذوره {ينبئكم} أي يخبركم متى شئتم أخبارًا لا أعظم منه بما حواه من العجب الخارج عما نعقله مجددًا لذلك متى شاء المستخبر له.
ولما كان القصد ذكر ما يدل عندهم على استبعاد البعث، قدموا المعمول فقالوا: {إذا} أي إنكم إذا {مزقتم} أي قطعتم وفرقتم بعد موتكم من كل من شأنه أن يمزق من التراب والرياح وطول الزمان ونحو ذلك تمزيقًا عظيمًا، بحيث صرتم ترابًا، وذلك معنى {كل ممزق} أي كل تمزيق، فلم يبق شيء من أجسادكم مع شيء، بل صار الكل بحيث لا يميز بين ترابه وتراب الأرض، وذهبت به السيول كل مذهب، فصار مع اختلاطه بتراب الأرض والتباسه متباعدًا بعضه عن بعض، وكسر معمول {ينبئكم} لأجل اللام فقال: {إنكم لفي} أي لتقومون كما كنتم قبل الموت قيامًا لا شك فيه، والإخبار يه مستحق لغاية التأكيد {خلق جديد} وهذا عامل إذا الظرفية.
ولما نفروا عنه بهذا الإخبار المحير في الحامل له عليه، خيلوا بتقسيم القول فيه في استفهام مردد بين الاستعجام تعجيبًا والإنكار، فقالوا جوابًا لمن سأل عن سبب إخباره بإسقاط همزة الوصل، لعدم الإلباس هنا بخلاف ما يصحب لام التعريف فإنها لفتحها تلبس بالخبر: {افترى} أي تعمد {على الله} أي الذي لا أعظم منه {كذبًا} بالإخبار بخلاف الواقع وهو عاقل يصح منه القصد.
ولما كان يلزم من التعمد العقل، قالوا: {أم به جنة} أي جنون، فهو يقول الكذب، وهو ما لا حقيقة له من غير تعمد، لأنه ليس من أهل القصد، فالآية من الاحتباك: ذكر الافتراء أولًا يدل على ضده ثانيًا، وذكر الجنون ثانيًا يدل على ذكر ضده أولًا.
ولما كان الجواب: ليس به شيء من ذلك، عطف عليه مخبرًا عن بعض الذين كفروا بما يوجب ردع البعض الآخر قوله: {بل الذين لا يؤمنون} أي لا يجددون الإيمان لأنهم طبعوا على الكفر {بالآخرة} أي الفطرة الآخرة التي أدل شيء عليها الفطرة الأولى.
ولما كان هذا القول مسببًا عن ضلالهم، وكان ضلالهم سببًا لعذابهم، قدم العذاب لأنه المحط وليرتدع من أراد الله إيمانه فقال: {في العذاب} أي في الدنيا بمحاولة إبطال ما أراد الله إتمامه، وفي الآخرة لما فيه من المعصية، وأتبعه سببه فقال: {والضلال} أي عما يلزم من وجوب وحدانيته وشمول قدرته بسبب أن له ما في السماوات وما في الأرض.
ولما كان قولهم بعيدًا من الحق لوصفهم أهدى الناس بالضلال، وكان الضلال يبعد ببعد صاحبه عن الجادة وتوغله في المهامه الوعرة الشاسعة، قال واصفًا له بوصف الضال: {البعيد} فبين الوصف أنه لا يمكن الانفكاك عنه، وعلم أن من الذين كفروا قسمًا لم يطبعوا على الكفر، فضلوا ضلالًا قريبًا يمكن انفكاكهم عنه، وهم الذين آمنوا منهم بعد، وهو من بديع القول حيث عبر بها الظاهر الذي أفهم هذا التقسيم موضع الإضمار الذي كان حقه: بل هم في كذا.
ولما كانوا قد أنكروا الساعة لقطعهم بأن من مزق كل ممزق لا يمكن إعادته، فقطعوا جهلًا بأن الله تعالى لا يقول ذلك، فنسبوا الصادق صلى الله عليه وسلم في الإخبار بذلك إلى أحد أمرين: تعمد الكذب أو الجنون.
شرع سبحانه يدل على صدقه في جميع ما أخبر به، فبدأ بإثبات قدرته على ذلك مستند إلى ضلالهم بسبب غفلتهم عن تدبر الآيات، فكان المعنى: ضلوا فلم يروا، فدل عليه منكرًا عليهم مهددًا لهم مقررًا لذوي العقول من السامعين بقوله: {أفلم يروا} ونبه على أنهم في محل بعد عن الإبصار النافع بحرف النهاية فقال: {إلى ما بين أيديهم} أي أمامهم {وما خلفهم} وذلك إشارة إلى جميع الجوانب من كل من الخافقين وأنهما قد أحاطا بهم كغيرهم.
ولما لم تدع حاجة إلى الجمع أفرد فقال: {من السماء والأرض} أي الذين جعلنا مطلع السورة أن لنا كل ما فيهما.
ولما كان الإنكار لائقًا بمقام العظمة، فكان المعنى: إنا نفعل بهما وفيهما ما نشاء، عبر بقوله: {إن نشأ} بما لنا من العظمة- على قراءة الجمهور {نخسف} أي تغور {بهم} وأدغم الكسائي إلى أنه سبحانه قد يفعل ذلك في أسرع من اللمح بحيث يدرك لأكثر الناس وقد يفعله على وجه الوضوح وهو أكثر- بما أشارت إليه قراءة الإظهار للجمهور.
ولما كان الخسف قد يكون لسطح أو سفينة ونحوهما، خص الأمر بقوله: {الأرض} أي كما فعلنا بقارون وذويه لأنه ليس نفوذ بعض أفعالنا فيها بأولى من غيره {أو تسقط عليهم كسفًا} بفتح السين على قراءة حفص وبإسكانه على قراءة غيره أي قاطعًا {من السماء} كذلك ليكون شديد الوقع لبعد الموقع المدى عن السحاب ونحوه لأن من المعلوم أنا نحن خلقناهما، ومن أوجد شيئًا قدر على هذه وهذا ما أراد منه، ومن جعل السياق للغيب- وهو حمزة والكسائي- رد الضمير على الاسم الأعظم الذي جعله مطلع السورة.
ولما كان هذا أمرًا ظاهرًا، أنتج قوله مؤكدًا لما لهم من إنكار البعث: {إن في ذلك} أي في قدرتنا على ما نشاء من كل منهما والتأمل في فنون تصاريفهما {لآية} أي علامة بينة على أنا نعامل من شئنا فيهما بالعدل بأي عذاب أردنا، ومن شئنا بالفضل بأي ثواب أردنا، وذلك دال على أنا قادرون على كل ما نشاء من الإماتة والإحياء وغيرهما، فقد خسفنا بقارون وآله وبقوم لوط وأشياعهم، وأسقطنا من السماء على أصحاب الأيكة يوم الظلة قطعًا من النار، وعلى قوم لوط حجارة، فأهلكناهم بذلك أجمعين.
ولما كانت الآيات لا تنفع من طبع على العناد قال تعالى: {لكل عبد} أي متحقق أنه مربوب ضعيف مسخر لما يراد منه {منيب} أي فيه قابلية الرجوع عما أبان له الدليل عن أنه زل فيه. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7)}.
وجه الترتيب: هو أن الله تعالى لما بين أنهم أنكروا الساعة ورد عليهم بقوله: {قُلْ بلى وَرَبّى لَتَأْتِيَنَّكُمْ} [سبأ: 3] وبين ما يكون بعد إتيانها من جزاء المؤمن على عمله الصالح وجزاء الساعي في تكذيب الآيات بالتعذيب على السيئات، بين حال المؤمن والكافر بعد قوله: {قُلْ بلى وَرَبّى لَتَأْتِيَنَّكُمْ} فقال المؤمن: هو الذي يقول الذي أنزل إليك الحق وهو يهدي، وقال الكافر هو الذي يقول هو باطل، ومن غاية اعتقادهم وعنادهم في إبطال ذلك قالوا على سبيل التعجب: {هَلْ نَدُلُّكُمْ على رَجُلٍ يُنَبّئُكُمْ إِذَا مُزّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ} وهذا كقول القائل في الاستبعاد، جاء رجل يقول: إن الشمس تطلع من المغرب إلى غير ذلك من المحالات.